عين كارم ..أصل الأسم: لماذا سُميت بهذا الاسم؟
من Ain Karem - Jerusalem في 20 نوفمبر، 2008، الساعة 04:25 مساءً
أصل الأسم: لماذا سُميت بهذا الاسم؟
عين كارم، عين الكريم، عين الكرم (بتسكين الراء) عين الكرم (بفتح الراء) عن المكارم كلها أسماء جميلة متماثلة شكلاً ومضموناً في المظهر والجوهر. تعطي هذه الأسماء معنى الخضرة والجمال والندى والعطاء والخير والرخاء، والجمال الذي لا يماثله جمال. عين كارم، عين مريم، عين العذراء (كما توجد قرية بهذا الاسم في قضاء الناصرة). وعين كارم تعني بالآرامية عين العذارء. وهي أسماء متماثلة شكلا ًومضموناً وكلها تعني القدسية والطهر، تضفي عليها سمواً وارتقاء، وتبعث في النفس الشفافية والصفاء. وقد اكتسبت عين كارم أهميتها من كونها موطناً لسيدنا زكريا عليه السلام، وفيها ولد وعاش سيدنا يحيي عليه السلام، كما كانت السيدة مريم العذراء تأتي كي تزور خالتها اليصابات زوجة زكريا، وكانت تنقل الماء من هذه العين الصافية النقية الى بيت خالتها الذي يعتقد انه في موقع كنيسة الزيارة اليوم.
المــوقـع
تبعد عين كارم، هذه القرية الجميلة ذات الطبيعة الخلابة، ذات المياه الجارية وذات الجبال العالية وذات المعالم التاريخية والدينية الرائعة، تبعد مسافة سبعة كيلومترات عن مدينة القدس، الى الجنوب الغربي، منها وتبعد كيلومتر واحد عن قرى المالحة والجورة والولجة.
وعين كارم هي كُبرى قرى القدس مساحة وأكثرها سكاناً، وحدودها واسعة وتتماس وتتداخل مع حدود قرى متعددة في لواء القدس.
وعين كارم هي احدى اربع عشرة قرية تلك التي تسمى بقرى بني حسن، وفي روايات عشر قرى، ورواية تقول انها احدى عشرة قرية، ورواية اخرى تقول انها احد تسع قرى. ويغلب الظن انها احدى اربع عشرة.
أما اصل هذه التسمية (قرى بني حسن) كما ترجح التقاليد الموروثة انها نسبة الى بني حسن (اي السلطان حسن سيد بني هلال) كما ورد ذلك في (تغريبة بني هلال) المشهورة، وأما القرى الأربع عشرة فهي: عين كارم، المالحة، حوسان، بيت صفافا، بتير القبو، راس ابو عمار، شرفات، الجورة، خربة اللوز، الولجة،صطاف, دير ياسين، الخضر.
وقد ذهب بعضهم - عودة الى الموقع - ان موقع بيت كار وتعني بيت الخرفان المذكورة في العهد القديم كان يقوم على نفس البقعة التي تقوم عليها (عين كارم) وقد ظهر هذا على خريطة (الفسيفساء) التي اكتشفت في كنيسة بمادبا بشرقي الاردن.
تقع عين كارم جغرافياً ضمن اقليم جوديا على قمة المرتفعات الغربية العالية المكسوة بأنواع كثيرة من الأشجار الباسعة كأشجار السرو والصنوبر، كذلك بأشجار الفاكهة المتنوعة من اللوزيات والتفحيات وغيرها. سيما في المناطق التي تتواجد فيها الأديرة والأبنية الخاصة الموغلة في القدم وهي مواقع اثريثة تحتوي على قبور قديمة منقورة ومحفورة بالصخر على شكل فسيفساء جميلة.
هذه السلسلة من الجبال متصلة بداية بجبال نابلس امتداداً بجبال القدس وانتهاءً بجبال الخليل التي تتوازى معها وتتساوى بالارتفاع باستثناء جبل الزيتون (الطور) حيث ترتفع (830) متراً عن سطح البحر، وترتفع هذه السلسلة الى (914) متراً عن سطح البحر عند قمة كرميزان على الطريق الىعين كارم، على مشارف بيت جالا.
وموقع عين كارم الصحي اكسبه اهتماماً من قبل الغزاة اكثر مما اكتسبه الأهل من هذا الموقع الصحي، فقد اهتم بها الافرنج ايام الحروب الصليبية - والافرنج من البولونيين قبيل الحرب العالمية الثانية، كذلك فقد اهتم بهذا الموقع الصحي واستثمره ايما استثمار العدو الصهيوني الذي أقام مستشفى كبير وهو (مستشفى هداسا) على أرقى عين كارم في منطقة بير القف بالقرب من مراح الهوا والدوامة.
إضافة الى انها الآن بفضل هذا الموقع تعتبر عين كارم منتجعاً سياحياً كبيراً ومحجاً للسياح من كل أنحاء العالم...
كذلك وبحكم هذا الموقع فقد اعتبرت عين كارم ضمن المنطقة الدولية التي دار حولها الحديث بعيد احتلال العدو الصهيوني لها.
المساحة والحدود
تبلغ مساحة عين كرام (القصبة والأراضي التابعة لها) (30) كيلو متراً مربعاً تقريباً وهي كُبرى قرى القضاء كما أشرنا اذ تبلغ مساحة قصبة البلد والمناطق الزراعية والمثمرة بالدونمات والمشجرة والمخضرة 15029 دونماً وتقوم القرية (المساكن) على مساحة 1034 دونماً.
وقد ضمت للقرية مواقع كثيرة ومتنوعة من خرب وأطلال وأديرة وأمكنة قديمة كان يقطنها الأهل الأولون بمنطقة تسمى (الحرجة) بالقرب من مقام الحاج عبيد المسجد العمري القديم.
ومن هذه الخرب خربة تسمى (بالحريش) أو حاراش وتعود تلك التسمية الى أيام الرومان وهي في أقصى الغرب.
وخربة الجبيعة وبيت مزميل وتسمى ببيت مدميل (خربة الحمامة) في أقصى الشرق بالقرب من المالحة.
ويحدها على امتداد محيطها الواسع من الجهات الأربع، تحدها من الغرب القسطل وصاطاف ومن الجنوب الجورة ومن الشرق المالحة على اطراف مدينة القدس ومن الشمال دير ياسين وقلونية التي تفصلها عن عين كارم طريق القدس يافا (القديمة).
وتقع على اطراف حدودها الشمالية باتجاه القدس مستعمرتا بيت فاغان وبيت كارم القريبتين من موقع الشرفة الطريق الرئيسي من القدس ـ عين كارم والتي تربط ايضاً عين كارم بقرية لفتا القريبة.
ولها اتصالات حدودية في الاراضي بقرية صوبا في أقصى الغرب.
وتعتبر عين كارم بحكم موقعها وحدودها وأراضيها المتداخلة (مركزاً تجارياً أو ممراً (ترانزيت) بقرى لفتا والقسطل وصوبا, وصطاف , وأبو غوش (أو قرية العنب) وخربة اللوز وقلونية ورأس أبو عمار.
هذه القرى التي قد لا تستطيع الاستغناء عن انتمائها (عن القدس) كذلك فإن لوجود المعاصر - معاصر الزيتون المتعددة والمطاحن وشراء بعض الحاجيات التي قد لا تتوافر في قراهم.
إضافة الى الزيارات الشخصية التي مبعثها في الغالب التعارف أو المصاهرة والتي كانت تشكل شبكة واسعة من اللقاءات بين سكان تلك القرى بعين كارم.
والقرية تأخذ شكلاً مربعاً تقريباً وحدودها متعرجة متداخلة من الجهة الغربية ومستقيمة من الجهات الاخرى.
وذكر في احدى المصادر القديمة التي تعود الى القرن السادس عشر عن حدود عين كارم بانها تقع على بعد سبعة كيلومترات بانحراف قليل الى الجنوب من القدس يحدها جنوباً الولجة وشمالاً قلونية وعين (كاووت) وبختيار (وهي أسماء قديمة) وغرباً عين الشقاق وشرقاً المالحة وتوجد فيها (عين ستي).
التضاريس الطبيعية
إشارة الى ما تتميز به عين كارم من الموقع الصحي الجميل والذي يبلغ معدل ارتفاعه عن 500 - 600 متراً عن سطح البحر شكل هذا التميز طبيعة خلابة جذابة متبانية في العلو والارتفاع ومتباينة في السفوح والانحدار وفي الانبساط ايضاً..
فقد تشكلت إزاء ذلك اسطح نباتية متباينة تبعث على التفكير بخلق الله وإبداعه في قريتنا الجميلة هذه.
فقد تشكلت جبال شاهقة ومتوسطة وسهول وسفوح، ووديان عميقة وعيون وينابيع، وكسباً للوقت ولملمة للجهد وإيجازاً في الوصف ارتأيت ان اتي على ذكر الأسماء ليس إلا:
الجبال: جبل العقود ارتفاع 500 متراً عن سطح البحر وهو اليوم للأسف (مقبرة عظماء صهيون) وسيكون بإذن الله ملحمة الفناء للباقين منهم حين يأتي أمر الله.
جبل راس التوتة، ولُقبَ في مرحلة الانتداب بجبل مسكرى..
جبل رأس المدورة بالقرب من الحدود مع قلونية، وجبال اخرى صغيرة ومتوسطة .
السهول: سهل الخاص ويقع وسط القرية وعلى سفح بالقرب من (عين عين كارم) في محاذاة ما يسمى وعر النصارى.
الديان: ومنها وادي احمد ووادي البدوية وادي ذياب وادي عين رواس، وامتداد وادي الصرار المتصل بواد الباب وهو في الحقيقة ليس من وديان القرية ولكن له صلة جغرافية ما! ووادي يوسف.
واذ اعتبرنا (خلة الجنان) بالقرب من العين وادياً فإنها من أجمل الوديان وسط القرية هو واد واسع جميل مريح.. لأن الجبال والربوات والسهول العالية تكفلت كلها باحتضان عين كارم الأم.
العيون والينابيع
عين رواس عين بعقيشة عين الحنية عين الشقاف وعين الخندق وعين الخارجة وأما العين الجميلة فهي ام الينابيع كلها.. خيراً وجمالاً وعطاءً وصفاء. ويقال ان هناك عيناً اسمها (عين زكريا) بالقرب من عين كارم الأصل!
المناخ: وثمة اشارة الى المناخ ازاء كل ما تقدم من نعم ومعطيات وتميز في الطبيعة والموقع فإن مناخ البلد ذو سمات متميزة ايضاً، فشتاؤها ماطر دافىء حيث تجاوز معدل سقوط الأمطار في العام 500ملم أما صيفها فحار وجاف نسبياً والرياح الغربية تهب عليها من البحر المتوسط التي تنفذ من خلال (منفذها) الى منطقة القدس من (باب الواد) لتحمل معها شيئاً من الرطوبة لتقوم بتلطيف الجو ليكون جواً رائعاً ومريحاً وجميلاً...
أما الرياح الشرقية فتنحدر من بيت مزميل بعد ان تقوم شُرفات بيت مزميل بتصديعها!
التركيبة السكانية
على ذمة الرواة يقولون: ان التقاليد الموروثة المحلية وعلى السنة الأجداد المتواترة تقول ان اصل سكان عين كارم الحاليين ينتسبون الى خمسة اخوة كانوا قد قدموا - مع من قدموا - في صحبة شعيب ابي محمد ابي شعيب الاندلسي ابي مدين الغوث ابان الحروب الصليبية منذ ثمانمائية عام تقريباً.
قدموا لمواصلة الجهاد في سبيل الله والذود عن حمى الاراضي المقدسة ضد الصليبيين الغازيين...
وقد ذكر ان الاحتمال الكبير ان هؤلاء الاجداد واعني اصولنا الأولى نحن السكان الحاليون - كما اشرنا سابقاً انهم من احفاد الهلاليين او كما عرفوا (ببني حسن) نسبة الى السلطان حسن سيد بني هلال والذين جاؤا من الجزيرة العربية بادىء الأمر من الحجاز وتوجهوا الى المغرب العربي.. الى تونس الخضراء بحثاًعن الماء والكلاء والعشب وقيل ان بعضهم وصل الى تخوم الاندلس وكان هذا في القرن الثالث او الرابع الهجري - وكما ذكرنا انهم - أي ان احفادهم - عادو الى بلاد الشام فمنهم من وصل الى اواسط شرقي الاردن وأواسط فلسطين في منطقة القدس في القرى ووصل قسم منهم الى مرج ابن عامر وعكا والناصرة...
وهناك لمحة خاطفة وتراث في الاغاني الشعبية التي كانت ترددها نساء عين كارم قبل مائة عام تقول كلمات الاغنية:
عريسنا ليش قاعد وعابس واحنا الي ملكنا القيروان وقابس..
أما الأربعة اخوة فهم: الضاوي، الحاري، زغب، وعلي، وقد ذكر انهم استقروا في عين كارم وتعايشوا مع اهلها وتصاهروا، وتساكنوا في مجتمع واحد وتتابع التقاليد قولها انه كان في القرية الاجداد الذين ينتسب اليهم عائلة ابو هدهود وعائلة حامد اللتان كانتا متواجدتين في خربة (بيت مدميل) يعني بيت مزميل.
(ومما يذكر ان سكان عين كارم هم من القيسيين)
وللتفصيل قليلاً هنا ان الاربعة اخوة اصبحوا اربع حارات كما نسميها الآن - حارة الطوار، حارة دار علي، حارة الحارة او (الحارث) كما ارتاؤا ان يتسموا بهذا الاسم وحارة زغب..
وهنالك عائلة دار الشيخ ولهم نسب واصول يعود كما يعتقدون ويؤكدون ان لهم صلة بزين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنه. ويحتفظون بشجرة كريمة وطويلة وعريقة لهم وقد اطلعت عليها بنفسي.
اما صلتها بالبلد فتعود الى مؤسسها الحاج عبيد بن مصطفى بن جودة بن محمد المنشاوي الذي قدم من المدينة المنورة منذ أكثر من 380 سنة.
التعليم في عين كارم
دخلت عين كارم مبكراً عهد (الكتاتيب) في القرن التاسع عشر كما أشار الكتاب السنوي لوزارة المعارف العمومية في فلسطين، والكتَّاب كما هو معروف كان يتولى مهمة تعليم القرآن الكريم واللغة العربية والحساب.
وقد ظهر في اوارخ القرن التاسع عشر شيوخ ازهريون درس بعضهم في القرية كالشيخ احمد عودة زيدان والشيخ يوسف الحبية والشيخ محمد جابر، كذلك ظهر الشيخ اسماعيل الخطيب والشيخ اسماعيل سمرين والشيخ عيسى منون الذي واصل دراسته وإقامته في وخدمته في الأزهر الشريف حتى منتصف القرن العشرين.
ونُشير بعد ذلك الى المستشرقين والمدارس التبشيرية التابعة للأديرة والكنائس ولعل وجود المدارس التابعة لتلك الكنائس وتقديمها الخدمات التعليمية قد يُثبت لنا صحة ذلك.
وقد بدأت تلك المدارس اعمالها في عام 1903، أما المدارس الرسمية فقد بدأت عام 1927. ولكن ظروف الانتداب الذي تولى امر البلاد عقب سقوط الدولة العثمانية لم يكن ليساعد في إظهار عمليات التعليم ودفعها وتحفيزها الى القيام بالأفضل.
غير متواجد